قلب حبيبة
صفحة 1 من اصل 1
قلب حبيبة
كنت أراها دائما ترتدي ثوبا اسود اللون كلما سرح بصرها انهمرت دموعها غزيرة كانهمار المطر في يوم عاصف كانت تتمتم بهدوء وخشوع آه... آه صورتها لا تفارق مخيلتي وكان بقعة وجهها الشاحب تحكي قصة مأساة عجزت الأيام عن طمس معالمها وآثارها. ترى لسانها ما انفك عن ذكر احمد، فطالما تحدثت عنه والدموع تنهمر من عينيها تراها تتحدث عنه في كل حين وفي كل وقت تتحدث عنه بقلب يعتصره الألم.
نعم هي سلمى ذات الضفائر الشقراء والعيون الصافية الزرقاء صاحبة القلب المليء بالدفء والضياء. الجميلة التي تفوح منها رائحة العطور والورد والأقحوان والبخور الأصيلة التي تجود بما تملك لإسعاد من تحب نعم حبيبها احمد ذاك الشاب صاحب التسعة عشرة ربيعا طالب مجد يدرس لتحقيق رغبة والده في أن يصبح طبيبا عاش يتيما في ظروف قاسية مع أمه وإخوته الصغار على الرغم من صغر سنه إلا انه كان عاشقا ولهانا كانت سلمى تملك عليه نفسه لقد كان دائم التفكير بها كثيرا ما كان يواعدها ليتأملها ويتغزل بها انه لا يستطيع فراقها ... هذا هو الحب الأسطوري
نجح احمد في الثانوية العامة وحصل على تقدير ممتاز أسرع إلى حبيبته يبشرها لتكون أول من يبارك له "عليك بالطب رغبة والدك" بالتأكيد فانا لم انس يوما كلماته الأخيرة" احمد يا بني عليك بالجد والاجتهاد لتساعد أمك في رعاية إخوتك ترى إن داهمتني المنية تراك تترك أمك وإخوتك محتاجين؟ كن طبيبا وارفع رؤوسنا جميعا سأكون فخورا بك" " أرادني طبيبا وسأنفذ رغبته بإذن الله"
بعد أيام ... وصلت احمد برقية من وزارة التربية والتعليم تبارك له النجاح وتعلمه بحصوله على منحة لدراسة الطب في روسيا. أخذت سلمى كعادتها تشد على يديه وترفع من عزيمته:"اعتن بنفسك جيدا إياك وان تفسدك الغرة لا تخيب أمل من ينتظرك كلنا هنا ننتظر عودتك سالما امض على بركة الله" نظر إليها وشمس الوداع أوشكت على الشروق.
مضت الأيام تلو الأيام والأعوام تلو الأعوام ذاقت سلمى خلالها صنوف لحسرة والحرمان ونسيت السعادة من شدة الألم والطغيان.
انتهت سنوات الدراسة لحمل احمد شهادة الطب بكل فخر وامتياز. ترى هل سترقص السعادة مجددا بين يديه؟ استقل الطائرة عائدا إلى حبيبته التي لم تغب لحظة عنه كان يفكر بها:"أما زالت تنتظرني؟ أهي جميلة كما تركتها؟""آه ... كم اشتاق لأسبح في بحور عينيها الزرقاوين واقفز في مروج ضفيرتيها الشقراوين"
وصل احمد يحمل بين يديه حقيبته السوداء التي تحوي أدواته الطبية ومريوله الأبيض الناصع ليدخل السعادة إلى قلب والدته وإخوته أراد أن تراه حبيبته طبيبا بارعا كما أرادت حقق رغبة والده وعاد ولكن أصوات الرعود أخذت تقصف المكان وبات غراب البين ينذر بالرحيل وجهزت السعادة أمتعتها واستعدت للرحيل. "ما الخبر؟! لم كل هذا الحذر؟!سلمى مريضة!!المرض الخبيث! أهي عاقبة السفر؟!""هو ذا الحال يا بني المرض عاث وانتشر وكلما حاولوا استئصاله استقر هل تستطيع أن تساعد بالجراحة والإبر؟"
أخذت دموعه تنهمر من كل حدب وصوب اليوم أعطيك الدواء آملا بمجيء الشفاء أروحي الدواء؟هاك خذيها . لن يبعدوني عنك لا ورب السماء... وهكذا بقي طبيبنا إلى جانب حبيبته لم يثنه عن عزمه الخطر مسحت بيدها على رأسه :"إلي يا حبيبي ". ذهب إليها ولم يفارقها حقا لم يفارقها فقد اخترقت صدره ثلاث رصاصات أثناء تأدية واجبه أبقته إلى جانبها ضمته إلى صدها تنهدت...كانت تنهيداتها كشخير الحمل حين يبح ودعه الأهل والأقارب والجيران بالزغاريد وأصوات الرشاشات معلنة عرس الشهيد رشوه بالزهور مع حفنة من تربها الطهور والكل يهتفون:"يا قدس أنا قادمون يا قدس قد حان المنون يا قدس إنا للعدا لن نستكين ون نهون"لكنها لن تموت وستبقى للأبد ستشفى من المرض لأنها حبيبة الملايين حبيبتي وحبيبة كل عربي لن يبخل أي منا بروحه من اجلها... سلمى حبيبة الأمس حبيبة اليوم وحبيبة الغد فهل من مغيث؟؟؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى