الدرس السادس من دروس التفسير "سورة التكاثر"
صفحة 1 من اصل 1
الدرس السادس من دروس التفسير "سورة التكاثر"
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
إخواني أخواتي معكم أختكم "عايدة ابراهيم"مشرفة قسم التفسير
ودرس جديد من دروس التفسير
إخواني نلاحظ أن الناس قد شغلتهم هذه الحياة الفانية و أضحوا في شغل بها عن آخرتهم وأصبح
همهم التكاثر في الاموال والاولاد و.المناصب ..وغيرها
السورة التي بين ايدينا تتحدث عن انشغال الناس بمغريات الحياة، وتكالبهم على جمع حطام
الدنيا، حتى يقطع الموت عليهم متعتهم، ويأتيهم فجأة وبغتة، فينقلهم من القصور إِلى القبور
إنها" سورة التكاثر"
لكن قبل التطرق لتفسيرها سأعطي لمحة موجزةعنها
سورة "التكاثر" سورة مكية عدد آياتها ثمان آيات ....ترتيبها في المصحف
بعد سورة "القارعة" وقبل سورة "العصر"
سبب نزولها:
تعددت أقوال المفسرين في سبب نزولها:
قال مقاتل وقتادة وغيرهما: نزلت في اليهود حين قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضُلاَّلاً.
وقال ابن زيد: نزلت في فخِذ من الأنصار.
وقال ابن عباس ومقاتل والكلبي: نزلت في حَيَّيْن من قريش: بني عبد مَناف، وبني سَهْم، تعادُّوا وتكاثروا بالسادة
والأشراف في الإسلام، فقال كل حيّ منهم نحن أكثر سيداً، وأعز عزيزاً، وأعظم نفراً، وأكثر عائذاً، فكَثَرَ بنو عبد
مناف سهماً. ثم تكاثروا بالأموات، فَكَثَرَتْهُمْ سَهْم، فنزلت "أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ " بأحيائكم فلم ترضَوا "حَتَّىٰ زُرْتُمُ
ٱلْمَقَابِرَ " مفتخرين بالأموات.
يقول القرطبي: الآية تَعُمّ جميع ما ذكر وغيره.
وبعدهذه اللمحة القصيرة عن هذه السورة ...نذهب بعون الله تعالى إلىتفسيرها
{أَلْهاكُمُ التَّكَاثُرُ(1)حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ(2)كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3)ثُمَّ كَلا سَوْفَ تَعْلَمُونَ(4)كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ(5)لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ(6)ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ(7)ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ(}
-ألهاكم : اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه.يقال: ألهاه كذا أي شغله عما هو أهم إليه، والمعنى :شغلكم.
-التكاثر:. تفاعل في الكثْر أي التباري في الإِكثار من شيء مرغوب في كثرته....
لكن بم يكون هذا التكاثر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يكون بالمال، ويكون بالولد، ويكون بالجند، ويكون بالجاه، ويكون بالسلطان، ويكون بكل متاع
من متاع الحياة الدنيا، إذا تكاثر به الإنسان، وألهاه عن طاعة الله جل وعلا.
روى مسلم " عن عبد الله بن الشِّخِّير قال: «انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
يقول: { ألهاكم التكاثر } قال: يقول ابنُ آدم مالي مالي، وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلتَ
فأفنَيْت أو لَبست فَأَبْلَيْت أو تصدقت فأمضَيْت ".
-"حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ":قوله تعالى: " ٱلْمَقَابِرَ " جمع مَقْبَرة ومَقْبُرة (بفتح الباء وضمها.)
ولم يأت في التنزيل ذكر المقابر إلا في هذه السورة.
و المعنى: أي حتى أدرككم الموت، ودفنتم في المقابر،... والجملةُ خبرٌ يراد به الوعظ والتوبيخ...
قال القرطبي: المعنى شغلكم المباهاة بكثرة المال والأولاد عن طاعة الله، حتى مُتُّم ودفنتم في المقابر.
وحقيقة الزيارة الحلول في المكان حلولاً غير مستمر، فأطلق فعل الزيارة هنا تعريضاً بهم بأن
حلولهم في القبور يعقبه خروج منها.
والتعبير بالفعل الماضي في " زُرتم " لتنزيل المستقبل منزلة الماضي لأنه محقق وقوعه.
"كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون":زجرٌ وتهديدٌ أي ارتدعوا أيها الناس وانزجروا عن
الاشتغال بما لا ينفع ولا يفيد ....وعن ابن عباس: "كلا سوف تعلمون " ما ينزل بكم من عذاب
في القبر: " ثم كلا سوف تعلمون " عند البعث أن ما وعدتم به صِدق، أي تُجعل كلَّ جملة مراداً
بها تهديد بشيء خاص.
-"كلا لو تعلمون علم اليقين":أي: أنكم لو كنتم تعلمون ما أمامكم علما يقينيا جازما . .. لما
ألهاكم التكاثر عما أمامكم، وهذا كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:
"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ."
- لَتَرَوُنَّ الجحيمَ : جواب قسم محذوف، أكّد به الوعيد وشدّد به التهديد، وأوضح به ما أنذروه بعد
إِبهامه تفخيماً أي والله لترون الجحيم .
أن العباد سيرون الجحيم، وهي النار، وهذا اسم من أسمائها وسميت بالجحيم؛ لأن نارها تتأجج،
والعباد كلهم سيرون هذه النار.
" ثم لَتَرَوُنَّها ": تكرير للتأكيد، أو: الأولى إذا رأتهم من مكان بعيد، والثانية إذا وردوها،
أو الأولى بالقلب، والثانية بالعين.
-" عَينَ اليقين " أي: الرؤية التي هي نفس اليقين وحاصلته، فإنَّ علم المشاهدة أقْصَى مراتب اليقين.
- " ثم لتُسألُن يومئذٍ عن النعيم":هذا تأكيد من الله -جل وعلا- بأن العباد سيسألون عن النعيم الذي
هم فيه، ففي أول السورة قال: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُوالذي يلهي الإنسان ويتكاثر به إنما هو النعيم،
فأخبر جل وعلا أن العباد سيسألون عن هذا النعيم، وهذا السؤال من الله -جل وعلا- لعباده
أجمعين ليس مختصا بالكافر دون المؤمن، وإنما العباد كلهم سيسألون.
لكن عن ماذا يسألون؟؟؟؟؟؟؟؟؟
سيسأله ربه -جل وعلا- عن هذا النعيم من أين اكتسبته؟ وفيما صرفه؟ وعلى أي وجه صرفه؟ وبماذا قابل هذا النعيم؟
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم :
أنه خرج ذات يوم فوجد أبا بكر وعمر، فقال لهما: ماأخرجكما هذه الساعة؟ قالا: أخرجنا الجوع.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده
ما أخرجني إلا الذي أخرجكما، ثم اصطحبهما -صلى الله عليه وسلم- إلى رجل من الأنصار
فأضافهم، وقدم للنبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه ماء عذبا وعذقا فيه بسر ورطب و تمر
، وذبح لهم الشاة، فأكلوا منها، فلما انتهوا قال صلى الله عليه وسلم: والله لتسألن عن هذا النعيم.
وما هو النعيم المقصود بالاية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذا النعيم الذي ألهاكم الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه.......
... فإنَّ الخطاب مخصوص بمَن عكفت همته على استيفاء اللذات، ولم يعش إلاَّ ليأكل الطَيّب، ويلبس الطَيّب، وقطع
أوقاته في اللهو والطرب، لا يعبأ بالعلم والعمل، ولا يحمل نفسه على مشاق الطاعة،
فأمّا مَن تمتّع بنعمة الله تعالى، وتقوّى بها على طاعته، قائماً بالشكر، فهو من ذلك بمعزلٍ بعيد.
فالخلائق مسؤولون يوم القيامة عما أنعم عليهم به في الدنيا. والله تعالى أعلم بحالهم، فالكافر يُسأل تبكيتاً وتوبيخاً على
شِركه بمَن أنعم عليه، والمؤمن يُسأل عن شكر ما أنعم عليه.
قال ابن عجيبة: فكل مَن استعمل الأدب في تناول النعمة، بأن شَهِدَها من المنعِم بها، وذكر الله عند
أخذها أو أَكْلِها, وشكر عند تمامها، فلا يتوجه إليه سؤال, أو يتوجه إظهاراً لمزيته وشرفه .
المستفاد من السورة:
-التحذير من الانشغال بالدنيا وملاذاتها عن العمل للآخرة.حتى يفاجا المرء بالموت.
- تاكيد رؤية النار
- إثبات عذاب القبر وتأكيده بقوله" حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون" أي في القبر.
-حتمية سؤال العبد عن النعم التي أنعم الله تعالى عليه بها في الدنيا فإِن كان شاكرا لها فاز وإن كان كافرا لها أخذ
والعياذ بالله.
المقصد من السورة:
هذه السورة الكريمة تنبهنا الى أنه لا يجب علينا ان نعيش لاجسادنا: أكل وشرب و نزهة وأموال ..و...بل يجب
الانتباه الى الروح والحذر من أن يلهينا المال والولد عن ذكر الله فنفاجأ بالموت ولقاء الله....لذالك علينا أن نغذي
أرواحنا بالطاعات: الاستغفار والصلاة والذكر و الصدقات وكل أعمال البر ..وأن نستحضر دائما أننا سنسأل عن
كل نعمة أنعم الله تعالى بها علينا وانه علينا شكره تعالى عليها وذالك يتأتى بأن لا نصرف نعمه تعالى في معاصيه.
وفقنا الله تعالى و إياكم إلى طاعته والعمل بمرضاته وجعلنا من الشاكرين لنعمه والفائزين بنعيمه
آمين
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ومع تحيات * قسم التفسير*
مواضيع مماثلة
» الدرس الثاني من دروس التفسير "سورة الاخلاص"
» الدرس الرابع من دروس التفسير "سورة العصر"
» الدرس الخامس من دروس التفسير "الاستعاذة في القران الكريم"
» الدرس الثامن من دروس التفسير:"الابتلاءات والصبرو ثوابها"
» الدرس الثالث من دروس التفسير "مفهوم الصراط"
» الدرس الرابع من دروس التفسير "سورة العصر"
» الدرس الخامس من دروس التفسير "الاستعاذة في القران الكريم"
» الدرس الثامن من دروس التفسير:"الابتلاءات والصبرو ثوابها"
» الدرس الثالث من دروس التفسير "مفهوم الصراط"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى